خطوة فوق الأرض ... والأخرى .... في المجهول ...

خطوة فوق الأرض ... والأخرى .... في المجهول ...

زار صديق له يرقد فوق السرير الأبيض ...
وقد لمح في عينه حيرة وشرود ...
وشعور بأنه في إختبار عصيب لا يعرف كيف ستكون نهايته ...
وعرف منه أنه لا بد أن يقرر ... حيال موافقته على القيام بعملية جراحية كبيرة .... من عدمه
والوقت يمر ...
والجواب يجب أن يكون حاضرا ....
فقال له ...
دعنا نحسبها روحيا ...
فالحياة يا عزيزي ليست إلا مجموعة من الممرات السرية المتعرجة التي ندخل بعضها بتشوق ورغبة وإندهاش ...
ونحاول الهرب من بعضها ... بخوف .. وحذر ... وقتامة ...
وكم ندمنا من دخول أجمل وأسهل ممراتها ...!
وكم ندمنا من عدم دخول أبشع وأعسر ممراتها ....!
فهي في النهاية ... تناغم طبيعي لمنظومة الحياة ...
تلك المنظومة المدهشة التي لا عبثية فيها ... ولا فوضى ...
كل شيئ فيها مقدر ... ومحسوب ... بدقة .... متناهية ... لا يد لنا في دقتها ...
ولا يمكن أن نعود بالزمن للخلف ... ولو لثانية .... واحدة ...
والعيش ضمن هذه المنظومة ... له أسس وأنظمة وشروط
تبداء وتنتهي بالإيمان ...
ذلك الإيمان الذي لا يجعلنا نندم على أي قرار نتخذه ... طالما أننا قد إخترناه مسبقا ... بعد دراسة مستفيضة
ذلك الإيمان الذي لا يجعلنا محورا للكون .... ولكننا جزء لا يتجزاء منه
ذلك الإيمان الذي يخبرنا بأننا سنعبر من فوق الخطوط الحمراء طالما أن لنا نصيب في ذلك
ذلك الإيمان الذي يجعل كل النهايات جميلة ... لأنها جزء من جمال وروعة هذا الكون البديع المدهش المتكامل ..
ذلك الإيمان الذي يجعلنا نخط بأناملنا حروف القصة ... ونرسم صورها ... ونلتصق بأوراقها ... ونتشارك الأدوار فيها ...
ذلك الإيمان الذي يشحن عواطفنا بالأمل ... والرجاء ... والثقة بأننا بين أيدي كريمة ... لا يمكن الفرار من أقدارها ...
ذلك الإيمان الذي يجعلنا نتوكل على القدرة الإلهية ... في تسيير أشخاصنا ... وما حولنا ... وما هو قادم بالطريقة الأمثل .... مهما كان الرأي العام مخالفا لذلك ...
ذلك الإيمان الذي يجعلنا نعيش أو نموت بنفس القدر من التواجد والقيمة والأثر بين من نحب ...
ذلك الإيمان الذي يجعلنا نضحك في وجه المصاعب ... لأننا مهما جارت الدنيا سنضل نمتلك حبل الأمل الذي لا ينقطع .....
ذلك الإيمان الذي يشعرنا بأرواح الأخرين ... ويشعرهم بنا .... ولكنه في نفس الوقت يجعلنا جزاَ متحركا متفاعلا متجاوبا مع كل ذرة في الكون ...
ذلك الإيمان الذي يسمو بنا فوق كل خوف ... ويصفو في مخيلاتنا لنعبر مسالك الشك ... ويحنو على مشاعرنا ومشاعر محبينا .... فنكمل المشوار ....
ذلك الإيمان النوري ... الذي يزيح عن طريقنا كل عتمة ... ويشعل في أعيننا مسارات الحب ... والإنتصار ....
ذلك الأيمان الذي يكبر بالأمل ... ويترعرع بالنقاء ... و يطرح السعادة ... والرضى ....

ودعنا .... نحسبها .... عمليا ....
فهي لا تفرق كثيرا عن كفتي الميزان ....
في الكفة الأولى ... سنضع خسائرك ... الحقيقية وليس المتخيلة ...
وفي الكفة الثانية ... سنضع أرباحك ...
ومن خلال الموازنة بين الكفتين ... يمكنك أن تقرر ...
أنا أعرف أن بعض الأرباح ... أو الخسائر ... قد لا تكون من النوع الذي يسهل حسابه ...
ولكن ... ثق بحدسك ....
وتوكل .... على من خلقك ... وجعلك ضمن منظومته .... ورسم لك الدور ... وهيأه لك ...
وأعقلها ... بعقلك .... وعزمك ... وبمحبة من يحيطون بك ...
أترك أثرا فيمن حولك ...
وأرسم الأمل في أعينهم ... وأمسح عن جفونهم كل ملامح للخوف ...
تقدم بقدم ثابتة ... ولا تنظر للخلف ...
فالمنظومة تسير .... ولن تقف ......
وماضيك موجود وجميل ... وستعود لإكماله بإذن الله
بمستقبل أجمل ...
فأذهب ... ولا تحاول أن تمط الثواني ... وتؤخر العقارب ...
نحن جميعا في إنتظارك .....

يعطيج الف عافيه غلاتي

يعافيكي ربي ويسعدك حبيبة البي شوشو