الشخصية الهستيرية
يثير لفظ الهستيريا حالة غير عادية لدى البعض منا , او لدينا جميعاً حتى تختلط الحقائق بالاوهام عنه ويزداد وضوح هذه الشخصية في المرأة و في الرجل
وقد رصد علماء النفس بعض الصفات في الشخصية الهسيترية ومنها :
- حب الذات والاهتمام بها
- محاولة جلب انتباه الاخرين واهتماماتهم
- المباهاة وحب الظهور
- الاتكال على الاخرين في المسؤولية
- القابلية للايحاء والتأثر بالاخرين والاخبار المثيرة وتفاعلهم القوي مع هذه المثيرات
- الاستعراضية وحب الظهور
- الميل الشديد والعالي للتمثيل
- القابلية للمبالغة والكذب
- الانفعالات السريعة والسطحية معاً
- التلون حسب الموقف
- ضحالة المشاعر وتبدلها
- الفشل المستمر في الحياة الزوجية وعدم التوافق
ان نمط الشخصية الهستيرية يذكرنا دائماً بمفهوم عدم النضج والنمو العاطفي اي فقدان الاتزان العاطفي في الشخصية , ونقصد هنا عدم الثبات في العاطفة مع سطحية واضحة في الانفعالات ,
فالشخصية الهستيرية من السهل لديها ان تتلون مشاعرها وتتغير بالسرعة والتقلب , فالتغير السريع سمة واضحة في الوجدان لاتفه الاسباب . اننا نلاحظ في اغلب الاحيان ان صاحب هذه الشخصية يبدو لنا وكأنه ذو عواطف قوية معبرة وتضحي , الا انه سرعان ما تخمد وتتوارى وتتبخر وتبحث عن موقف آخر به عواطف اخرى بديلة , كذلك نلاحظ التذبذب بالصداقة والسرعة في اكتسابها وبنفس الوقت السرعة في فقدانها , فالشخص ذو الصفة الهستيرية يتميز بعدم القدرة على اقامة علاقة ثابتة لمدة طويلة نظراً لعدم قدرته على المثابرة ونفاذ الصبر السريع .
من مميزات الشخصية الهستيرية تعدد المعارف والصداقات السريعة ,وحب الاختلاط ولكن يتميز دائما بالتغير وعدم الثبات , فضلا عن هذه الكثرة من العلاقات الا انها تظل سطحية ولا تأخذ العمق الكافي من الثبات . ما يميز هذه الشخصية سرعة تأثرها الواضح باحداث الحياة اليومية والاخبار المثيرة واهتمامها بما يدور بين الناس من همس حتى انها باتت تهتم ب " القيل والقال " ويؤثر ذلك تماما على اتخاذها القرارات , فتخضع كل قراراتها الى الناحية المزاجية الانفعالية اكثر من الناحية الموضوعية العقلانية . ومن الامثلة الكثيرة في ذلك الهمس الذي يدور بين النساء في الخفاء , والنقل
المستمر للمعلومات ومعرفة الاحداث الجارية اول بأول من امرأة الى اخرى عن موضوع لاقيمة له , وربما كان من التفاهة بمكان , حتى انه لايثير الجدل , ولكن تلجأ اليه المرأة حينما تسمع ما لايرضي نفسها , ان تبادر وتتخذ قرارا مثل قطع العلاقة مع من تحدثت عنها بالسر , ولا تتردد اطلاقاً عن افشاء اسرارها واغتيابها وسبها علناً , حتى وان لم تتأكد من صحة هذه المعلومات او حتى مناقشة الطرف الآخر في الموضوع .
من المثير في هذه الشخصية ايضاً الاستعراضية الزائدة وحب الظهور الذي يقترن بالانانية دائماً فصاحب هذه الشخصية من الرجال او النساء لديه ميل مرتفع نحو استجلاب الاهتمام والعمل الدؤوب ليكون محور الارتكاز , فهو ينظر الى كل الامور نظرة ذاتية , فضلا عن الاستعراضية والمبالغة في طريقة التكلم والتحدث والاشارات والملبس والتبهرج والعمل على لفت الانظار بحركات مسرحية ومواقف تثير الانتباه لغرض المبالغة في الاستعراض . ومن الملاحظ في نمط الشخصية الهستيرية ان تكوينها الجسمي يميل الى النحافة وصغر الحجم وهو ما يطلق عليه التكوين الواهن ولكن هناك تكوينات جسمية اخرى تظهر فيها الشخصية الهستيرية ايضاً
ان نمط الشخصية الهستيرية عرضة للتذبذب الانفعالي الوجداني , فهو يعيش حالة المرح والنشوة والحماس القوي وينقلب فجأة الى الاكتئاب والانطواء والبكاء ورغبة في محاولة الانتحار , وهذا ما يجعل حالة التغير السريع والمفاجئ سمة من سمات الشخصية الهستيرية التي تنعكس على حياته الاسرية .
ومن الملاحظات التي نشاهدها , ان اقل اهتمام من الرجل بالانثى الهستيرية يجعلها تذهب بعيداً في افكارها وفي التأويل والتفسير والتخمينات , في حين ان الامر لم يكن في حقيقته كذلك عند الرجل واكنها تفسر الموضوع بالرغبة الجامحة تجاهها وانه يحاول اقامة علاقة عاطفية معها وربما لم يكن ذلك مقصده اطلاقاً .
وما نلاحظه ايضاً عند الشاب الهستيري الذي يعتقد ان ابتسامة الفتاة له , انما معناها انها ترغب فيه , وانها سوف تقع في غرامه وهكذا ...
لقد اثبتت الدراسات النفسية ان معظم الرجال ينجذبون للشخصية الهستيرية نظراً لحيويتها وانفعالاتها القوية وجاذبيتها الجنسية والاثارة وقدرتها على التعبير عن عواطفها , الا ان جزءاً كبيراً من النساء اللاتي يتمتعن بهذه القدرة العالية من الاثارة الاستفزازية المفرطة يعانون من البرود الجنسي , ويصاب المرء بالدهشة عندما تعلم ان بعض ملكات الجنس في العالم واللاتي يثرن الشباب في جميع الانحاء من العالم قد يعانين من هذا البرود الجنسي .
مما يميز اصحاب الشخصية الهستيرية بشكل واضح وملحوظ هو القدرة على الهروب من مواقف معينة من خلال التحلل من شخصيتهم الاصلية واكتساب شخصيات اخرى تتلائم مع الظروف الجديدة كما يتطلب احياناً من الممثل او الممثلة ان تعيش في شخصية البطل او البطلة يومياً لمدة ساعات باجادة تامة , فالشخصية الهستيرية لها قدرتها على تقمص الشخصية التمثيلية واندماجها مع الشخصية التي تقوم بالدور عنها ويتطلب ذلك انفصالها عن شخصيتها الاصيلة وهو ما تتميز به الشخصية الهستيرية كما يقول علماء النفس .
تصلح الشخصية الهستيرية للوظائف التي تحتاج لعلاقة مباشرة مع الناس مثل الخطابة واللقاءات والعلاقات العامة والتمثيل السينمائي والتلفزيوني والمسرحي وبكل اشكاله ومذيعي الاذاعة والتلفزيون وبعض المهن التي تحتاج الى اللباقة في الحديث والاقناع مع الاستعراضية والمباهاة .
وجد علماء النفس ان الشخصية الهستيرية تستجيب في احيان كثيرة بسهولة الى الضغوط النفسية الحياتية والشدائد في مسار الحياة والاجهاد والقلق التي تتعرض له او حينما تواجه ازمة نفسية تسبب المرض او صدمات مفاجئة تؤدي بها الى الحالة المرضية , ومن اهم الاعراض التي تظهر عليها :
- الاضطراب التحولي Conversion Disorders
اي يتحول القلق والاجهاد والازمة النفسية الى صراع نفسي بعد ان تم كبته الى حالة عضوية او جسمية واضحة , يكون له معناه بشكل رمزي ويحدث ذلك بطريقة لاشعورية , اي ان الشخص الذي يتعرض للحالة المرضية لايفهم المعنى الكامل لاعراضه ومعاناته والآمه , ويحاول الشخص الهستيري الذي تحول الى المرض ان يربط بين حالته المرضية واعراضها بظروفه البيئية التي ادت الى حالته .
- الاضطراب الانشقاقي Dissociative Disorders
وبها تنفصل شخصية الفرد الهستيري في حالة اصابته بمرض الهستيريا الى شخصيات اخرى يقوم اثناءها بتصرفات غريبة عنه , او انه يفقد احياناً ذاكرته وهو سبيلا للهروب من مواقف نفسية مؤلمة او بواسطتها يحاول ان يجذب انتباه الاهل ورعايتهم الخاصة به .
ونلاحظ حدوث العمى الهستيري في ساحات القتال عند الجنود او الضباط او فقدان الذكرة الهستيري او الشلل الهستيري , او عندما يتعرض المرء الى موقف صادم ويفقد فجأة القدرة على الكلام او المشي او الرؤية , ويذكرلنا اطباء النفس ان الشلل الهستيري في حالة الحرب يحدث عندما لايكون الجندي او الضابط مقتنعاً بجدوى الحرب والقتال , ويبدأ عنده الصراع الداخلي بين عدم الرغبة في الاشتراك في المعركة وبين الرغبة في الهروب ويصبح خائناً . وتزداد الازمة والشدة وينشأ الصراع الذي لم يجد الحل وينتهي الى الشلل الهستيري الذي يدخله الى المستشفى للعلاج ويحميه ولو مؤقتاً من هذا الصراع .
ويشيع انتشار الاضطراب الهستيري بين الفتيات والشباب الذين يتعرضون الى مواقف ضاغطة لاتجد حلاً لهذا الصراع . فالشاب الذي نشأ في بيئة دينية شديدة التمسك بالقيم الدينية , وكانت توجيهات والده الصارمة تحذره وتمنعه عن الفحشاء والتقرب الى النساء , يلجأ الى ممارسة العادة السرية , ولكنه تحت ضغط كبته الجنسي بدأ ممارسة هذه العادة بأفراط شديد فنشأ لديه الصراع بين حاجاته البيولوجية , وقسوة ضميره الديني , مما جعله هذا الصراع ان يخلق لديه ازمة نفسية حادة مع قلق شديد واكتئاب نفسي , انتهت باصابته بالشلل الهستيري في الذراع الذي يمنعه من مزاولة هذه العادة . ان هذا الشاب يجهل اسباب حالته المرضية وما آلت اليه الامور ولكن حين وضحت له اسباب حالته من خلال العلاج النفسي , وحل منشأ الصراع تحسنت حالته وان هذا الشلل الذي اصابه في ذراعه كان يحميه من الاقدام على ما لايرضي ضميره .
وهناك العديد من الاعراض الهستيرية غير المرضية ولكنها تأخذ شكل العادات التي يصعب على المصاب بها التخلص منها ومن تلك الاعراض حركة بعض العضلات الفجائية وتسمى ( اللازمة Tics) وتسبب بعض الاحيان الاحراج للشخص ومن امثلتها : رجفة في عضلات الوجه لا يستطيع المرء السيطرة , ارتعاش في جفون العين الفجائي والمستمر , حركة الرقبة او الرأس الفجائية والمستمرة , المبالغة في حركة اليدين او اللعب بالشارب , او في الشعر او ضبط ربطة العنق بأستمرار , او حركة الفم غير الاعتيادية مع حركة الفكين .. الخ , الى المحاولة المستمرة لتعديل الملبس قبل الجلوس واثناءه واثناء الحديث وبعده وخصوصاً في الاماكن الحساسة عند الرجال .
تحياتي.
noor_eldenya